16‏/10‏/2008

تونس - صفاقس - جرجيس (الجزء الرابع)

الهراء واللغو في المدة الأخيرة عن ما يسمى بالمصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي التعيس في تونس ولعل الشيء الملفت للنظر أن الشخوص التي تقود قاطرة التنازل والإذلال والركوع للدكتاتورية لا تمثل أي شيء لا على الساحة السياسية ولا حتى على الساحة الإعلامية أو الثقافية في تونس ولكن الأنكى من ذلك أن هذه الفئة الضالة لم تحصل لا على تفويض من الضحايا للحديث باسمهم ولا حتى على دعم مادي أو أدبي من الدكتاتورية نفسها لخدمة مصالحها وهي التي تكاد تكون المستفيدة الوحيدة من هذا النقاش البيزنطي العديم الذي امتد زبده على قنوات تلفزيونية وجرائد مأجورة حتى بلغت الجرأة ببعض هؤلاء المرتزقة حد نشر أفكارهم الهدامة على صفحات افتراضية من المفروض أن تكون منابر حرة وحكرا على من حرم من حقه في التعبير في ظل النظام القمعي الحالي. لقد كان أجدى بهذا الرهط من المتخاذلين وسقط المتاع أن يحدثونا عن عذابات أهاليهم في تونس التي أخذت نسقا تصاعديا مذ بدؤوا الترويج لإفلات بن علي وصحبه من العقاب والمحاسبة بعد أن فعلوا ما فعلوا بنا عوض أن يرموا لنا باستنتاجات أفرغ من فؤاد أم موسى مثل القول بأن فرعونهم الحالي "بيده الحل والربط ويمسك بخيوط اللعبة والعصا أيضا" وبأن "المراهنة على المعارضة التونسية رهان على جواد خاسر"...إبداعات النظام الفاشي لزين العابدين بن علي في القمع والتنكيل بالضحايا بماضيها وحاضرها والتي يتغافل عنها هؤلاء المرتزقة لا تحصى ولا تعد هذه الأيام خاصة وأن أعلى هرم السلطة عندنا يحسب أنه يتمتع حقا بالحصانة القضائية الأبدية التي أرستها سطوته المفضوحة على دستور البلاد منذ سنتين ونيف، وإن كانت الشجاعة تعوز الدكتاتور في العلن كما في السر لمجابهة خصومه الذين يجاهروه دون مواربة أنهم راغبون في مثوله وسط قفص الاتهام أمام قضاء مستقل ومحايد فهو يرمي لعامة التونسيين بحثالة النخبة المتعلمة عندنا ورديئها كي تشغل المعارضين والحقوقيين وسائر المتتبعين عن هدفهم الأسمى وهو رحيل المدعو زين العابدين بن علي وأذيال نظامه القمعي عن حاضرنا ومستقبلنا.الأغرب والأدهى من كل ذلك أن تذهب بعض الأقلام النزيهة والمحايدة إلى تبرئة "دعاة المصالحة دون عقاب وتتبع" من تهم العمالة المجانية والنفاق السياسي بل أن البعض شد أزرهم ودعمهم في مسعاهم الخائب بدعوى أن ما قاموا به ينم عن نقاء سريرتهم وخلو قلوبهم من الأضغان والحقائد وهو ما يطرح تساؤلات أشد مرارة لو صدقنا هذا المنحى فمنذ متى كان للحمقى والمغفلين رؤى يُعتد بها أو مواقف تُحسب لهم؟ هل أن التعاطي مع الشأن العام يخضع لميول أهواء مهرّجي السلاطين أم لضوابط قانونية ونواميس متعارف عليها؟ هل يتساوى الجلاد والضحية أمام الحساب والعقاب؟

«متى نلقاكم وقد خاب مسعاكم؟»
لأي مصالحة يروج هؤلاء المرتزقة بعد أن مات الطالب لطفي العيدودي البارحة وهو من لفظته لفظ النواة سجون وطنه ورفضت حتى التكفل بنفقات علاجه؟ كيف تغشى بصيرة البعض لحد يجعلهم لا ينتبهون للتنكيل والتجويع الذي يمارسه نظام بن علي ضد شباب جرجيس وقد وزع زيارات أهاليهم على أيام الأسبوع المختلفة وعلى سجون متباعدة حتى يكسر اللحمة والمودة والتكافل التي خلقتها ظروف القهر والظلم بينهم؟ هل يدري هؤلاء المتجاسرين على حقوق الضحايا العزل الأموات منهم والأحياء أن عبد الله الزواري يستند لعصا طبية هذه الأيام ليمشي بعد أن كادت ملاحقة سيارات الشرطة له تدك جميع عظامه وهو يمتطي دراجة نارية؟ هل يجرؤ واحد من هؤلاء السماسرة أن يُقنع الدكتور نضال معطر بالمصالحة وقد حرمته شرطة بن علي من عمله واعتدت عليه وعلى والده الأستاذ عبد الوهاب بالطريق العام على مرأى ومسمع من عشرات الخلق؟في الختام هنيئا لدعاة المصالحة الخائبين بجلادهم الأبدي زين العابدين بن علي راعي مُصالحتهم ومصالحهم.
زهير اليحياوي

تونس - صفاقس - جرجيس (الجزء الثالث)


بالرغم من إجماع كل نشطاء حقوق الإنسان على الطابع التعسفي والانتقامي للمراقبة الإدارية التي يخضع لها السجناء السياسيون مباشرة بعد تسريحهم من السجون إلا أن ما يقع لعبد الله الزواري الصحفي والقيادي البارز بحركة النهضة الإسلامية المحظورة أخطر من ذلك بكثير ويشكل تعديا صارخا على القانون التونسي وعلى جميع المواثيق والعهود الدولية التي يتشدق النظام التونسي بأنه أمضى عليها جميعا.قبل الخوض في متاهات هذه الحالة المبهمة لكل دارس أو مهتم بحقوق الإنسان في تونس لا بد من توضيح بعض النقاط :- لست بحاجة لأن أكون متفقا مع عبد الله الزواري أو ظهيرا له حتى أمسك بقلمي وأساهم من موقعي في رفع شيء من الغبن المسلط عليه منذ بداية التسعينات.- لا وجود لدليل واحد ملموس ومادي يجعل النظام التونسي يعامل عبد الله الزواري على أنه إرهابي وليست هناك وثيقة واحدة مكتوبة أو صوتية تبرز أنه دعا في يوم من الأيام لتقويض نظام الحكم في تونس أو لتغييره بالقوة.- من حق كل مواطن تونسي أن يخالف عبد الله الزواري آراءه وأن يعارض أفكاره بكل الطرق المشروعة والمتاحة ولكن لا يحق للنظام التونسي أو غيره أن يسوّق لنا هذا الرجل على أنه خطر على الأمن العام أو تهديد مباشر لمؤسسات الدولة.- إن كان للنظام التونسي مآخذ على هذا الرجل تجعله يقمعه بكل هذا العنف فمن واجبه كحاكم الكشف عنها حتى نفهم ما خفي عنا.وضعية عبد الله الزواري لا تختلف كثيرا عما نعرف عن التشفي والانتقام الذي يلاحق به النظام الدكتاتوري في تونس كل من يخالفه الرأي ولكن شجاعة ورحابة صدر عبد الله الزواري الذي وافق على نشر جزء لا يستهان به من جزئيات حياته وخصوصياته وجعلها على طاولة درس كل من يسعى لفهم ما يجري في بلدنا تجعلان الأمر مختلفا وأكثر أهمية، فكما هو معلوم من الصعب على المرء وخاصة عندما يكون ذو كرامة وعزة نفس أن ينشر "غسيله" على الملأ وكأنه يستجدي هبة أو عطاء هو أدرى من غيره بأنه حق مكتسب له تمكن الغير من اغتصابه بكل ما أوتي من جبروت وصلف... ولكن ما باليد حيلة فالرجل طرق كل السبل المتاحة ولا من مجيب.إن كان لا بد للموضوع من بداية فلتكن نهاية فترة سجنه التي امتدت لإحدى عشرة سنة من 06 - 06 - 1991 إلى 06 - 06 - 2002 حيث نكتشف في خفايا الوثيقة الأولى (اضغط هنا لرؤية بطاقة الخروج من السجن) أن السجين عبد الله الزواري قد أمضى كامل المدة دون أن يتمتع بيوم واحد من حط العقاب أو من العفو وبمزيد من التثبت الذي لا يقوم به غير سجين سابق مثلي ومثله نكتشف أن عبد الله الزواري قد أمضى ثلاثة أيام زيادة بالسجن فالسنة لدى القانون المنظم للحياة السجنية، المهضوم الجانب دوما، تحسب بالأيام أي 365 يوما لا غير وهو ما يجعلنا نستثني 3 أيام من السنوات الكبيسة المقضاة وراء القضبان وهي سنوات 1992 و 1996 و 2000، هذا التعدي الفاضح على حقوق هذا المواطن الأعزل والذي يجرمه القانون التونسي لا يكاد يذكر أمام الانتهاك الصارخ الذي تتعرض له حقوق عبد الله الزواري اليوم حيث تنص وثيقة خروجه من السجن علاوة على ذلك أن عنوانه الأصلي برادس من ولاية بن عروس وهو ما يجعل المراقبة الإدارية تكون حتما بهذه الولاية دون غيرها وليس بأقاصي الجنوب التونسي في حاسي الجربي الذي يبعد عن مقر إقامته المثبت بأوراق رسمية 550 كيلومترا على الأقل. هذه النقطة بالذات هي أكثر ما يشغل بال عبد الله الزواري هذه الأيام بعد أن تحولت المراقبة الإدارية إلى نفي وإقامة جبرية فهو لم يعد يقوى على العيش بعيدا عن أفراد أسرته المقيمة بالمروج الرابع من ولاية بن عروس ولم تشفع له كل مراسلاته ومكاتيبه العديدة للسّلط في شيء حتى يتمكن من لم شمل أسرته والعيش تحت سقف واحد كغيره من الخلق.هذه نبذة من الوثائق التي تبرز الحيف والاضطهاد المنهجي الذي يتعرض له عبد الله الزواري وهو ما سيجبره في مرحلة أخيرة على الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى بعد أن باءت كل محاولاته بالفشل الذريع وتنبه إلى افتقاد الحاكم عندنا لكل واعز أخلاقي أو قانوني يمكن أن يثنيه عن التنكيل بضحاياه :
برقية إلى رئيس منطقة الأمن الوطني بجرجيس- مباركة الغناي حرم الزواري - بطاقة التعريف - عقد كراء مسكن- محمد الطاهر الزواري - بطاقة التعريف - شهادة حضور- خولة الزواري - شهادة حضور- انتصار الزواري - شهادة حضور

تونس - صفاقس - جرجيس (الجزء الثاني)

بعد كل المجهود والعناء الذي تبذله لساعات طويلة أمام حاسوب لا يشكو من خلل أو عطل وأنت مرهق من أتعاب السفر وحكايات معاناة أهالي المنطقة من صلف النظام البوليسي وجوره تخرج بانطباع شديد المرارة : جرجيس محرومة من الانترنت ومن جل سبل العيش الكريم. كلامي لم يقنع لا الأستاذ عبد الوهاب معطر ولا الصحفي عبد الله الزواري وتركتهما لوحدهما يحاولان النفاذ للشبكة العنكبوتية وخلدت سريعا لنوم عميق.لم تفل سنوات السجن والحرمان الطويلة من إرادة عبد الله الزواري في شيء وهاهو يحدثك عن الإعلامية وخفايا الحاسوب وكأنه لم يغب عن ساحة المعرفة ليوم واحد، كل شيء على ما يرام داخل حاسوبه الشخصي : حائط ناري ومضاد للفيروسات وبرمجيات من أحدث طراز... رغبة كبيرة في التمكن من هذه التقنيات المستحدثة وسرعة في التلقي يشهد له بها كل من جالسه ولكن لا وجود لأثر ما يسمى بالانترنت.استيقظ بعد سويعات معدودة وقبل وصولي لبيت الراحة، الموجودة خارج البيت لانعدام قنوات الصرف الصحي بالمنطقة، ألمح أعوان شرطة عبد الله الزواري متسمرين في أماكنهم وكأنهم بغير حاجة لراحة أو نوم... أتأكد من عدم وجود كاميرات و ميكروفونات بالمرحاض ثم أقضي حاجتي وأعود حيث جماعة الانترنت.بمجرد قيامي بشيء من الضجيج تكون الجماعة قد استيقظت بعد أقل من ساعتين من النعاس، الأمر لا يدهشني فكلاهما سجين سابق تكفي خطوات نملة لإيقاظه من سباته وحرمانه من حلاوة النوم، مباشرة بعد صباح الخير أسأل عبد الله إن كان قد نجح في النفاذ للانترنت فيجيبني ببشاشته المعهودة : "لقد جربت أربعة اشتراكات لأربعة مزودي خدمات مختلفين ولم أنجح إلا مرة واحدة في البقاء مرتبطا بالشبكة العالمية لثوان معدودة".

شعرت بنوع من الغبطة لأن تشخيصي الأولي كان في محله وبنوع من المرارة القاسية وأنا الآن متأكد من أن رداءة خدمة الانترنت بالمنطقة مرتبطة أساسا باستعمال أشخاص مثل عبد الله الزواري وشباب جرجيس وغيرهم من المناضلين لها، فالانترنت الذي أريد لها أن تكون نعمة صارت نقمة على كل أهالي الولاية... للمرة الألف تجول عبارة العقوبة الجماعية بمخيلتي.عبد الوهاب معطر لا يزال غير مقتنع بالحقيقة المرّة ويصر أنه بإمكاننا إعادة الكرة مرات أخرى حتى يحالفنا النجاح ولكني اقترح على الجمع أن نغادر حاسي الجربي نحو جرجيس لنتأكد من رداءة الخدمة باستعمال خطوط هاتف أخرى. نجمع زادنا من التجهيزات الالكترونية... وأعوان الشرطة أيضا ونتجه صوب المنطقة الحضرية حيث يُجمع كل محدثينا أن استعمال الانترنت أمر شبه مستحيل في هذا البر باستثناء المراكز العمومية للانترنت والتي تخضع لمراقبة دائمة من طرف البوليس، بل أن أحدهم ممن حاول النفاذ البارحة للشبكة من بيته أصر أن الأمر كان أشبه بالمستحيل.إصرار الأستاذ عبد الوهاب على التأكد بصفة نهائية من وقوع جرجيس تحت طائلة العقوبة الجماعية دفعنا حتى للحديث مع رواد مراكز الإنترنت العمومية وأصحابها وجعلنا نستخلص أن النظام الدكتاتوري لا يمكن أن يقبل أن يحدث شيء في جرجيس دون أن يكون على علم مسبق به ولو كانت رسالة الكترونية لصديق بمناسبة العام الجديد وحتى أصحاب "البوبلينات" نفذ صبرهم من هرسلة الشرطة لحرفائهم واعتداءاتها اليومية على حرمة مراسلاتهم الشخصية دون أدنى ضوابط قانونية أو حتى أخلاقية.عبد الله الزواري يتألم في صمت مدوي ويهدد مرة أخرى بأنه سيقوم بإضراب مفتوح عن الطعام مباشرة بعد العيد وجميعنا أصبح عاجزا عن ثنيه عما يزعم القيام به بعد أن قاسمه بعض معاناته القاسية جدا لفترة وجيزة ... في الجزء القادم ننشر وثائق عديدة لعبد الله الزواري ومراسلات تخصه لجميع المسؤولين عن عذاباته عساهم ينتبهوا لخطورة تعدياتهم الخطيرة على شخصه وعلى عائلته بأكملها...
زهير اليحياوي 12-01-2005

تونس - صفاقس - جرجيس (الجزء الأول)


لم أكن أتصور أن تكون مضايقتك ومراقبتك ليلا نهارا حقا مكتسبا لشرطة بن علي حتى شاهدت ذلك بأم عيني طوال نهاية الأسبوع الماضي. لا زلت أتساءل من أين يستمد أشخاص مثل المحامي عبد الوهاب معطر والصحفي عبد الله الزواري وغيرهم كل هذا الجلد والصبر الذي يجعلهم لا ينفعلون كل دقيقة وهم محاطون برجال "الأمن" من كل حدب وصوب... في البيت والشارع وبين الأهل والأحباب ... عند العطار والخضار والجزار... في مكان العمل وعلى شاطئ البحر...ما يقع يوميا لعبد الله الزواري على سبيل المثال مهزلة بكل المقاييس والأوصاف، سيارة أو اثنان ترابطان أمام بيته بطريقة مفضوحة يلازمهما عدد من الأعوان لا يقل عن الثلاثة في كل الأحوال، دراجات نارية، هواتف نقالة مفتوحة طوال الوقت تنقل المشهد على الهواء... الجيران مطالبون بالمكوث في بيوتهم حتى لا يضايقوا أعوان الأمن وهم يقومون "بالواجب"... حاسي الجربي منطقة محافظة والنساء لم يعد بإمكانهن الخروج من بيوتهن لخدمة الأرض أو لإعداد الخبز ورجال "الأمن" تسترق النظرات من كل جانب... الأطفال وقع ترويعهم وإجبارهم على ملازمة البيوت درءا لكل تشويش أو إخلال بالنظام العام لنظام بن علي... المكان أشبه بمنطقة عسكرية أكثر منه حي سكني.الانفلات الأمني يبلغ مداه عندما يقوم أعوان المرور بالتواطؤ مع زملائهم في الفرق الأخرى وما أكثرها، ويجبرونا على مدهم بكل وثائقنا وكأننا جمع من الإرهابيين أو عصابة من المهربين والمتاجرين بالممنوعات... عندما يقوم رجل قانون مثل الأستاذ عبد الوهاب معطر بتذكيرهم بأن عملهم هو تسهيل حركة المرور وليس تعطيلها يتعنتون أكثر ويهددوننا بأنه سيقع الزج بنا جميعا في السجون ! تمر بضع دقائق والمكان يتحول لاستعراض بوليسي بأتم معنى الكلمة : رئيس المنطقة، رئيس مركز الشرطة، أعوان من الإرشاد، من الاستعلامات، من أمن الدولة... بالإضافة لزملائهم في شرطة المرور كلهم في حالة استنفار قصوى للتعدي على القانون التونسي المسكين...ربما لا يعرف هؤلاء أن الأستاذ عبد الوهاب معطر يمارس حقه ولا يستجديه ولا يخاف في الحق لوم لائم وبمجرد أن يطلب منا هذا الأخير أن ننصرف جماعيا ونتركهم يفعلون ما يحلوا لهم ويلفقوا ما يرضيهم من تهم وقضايا مختلفة، يرغي رئيس المنطقة ويزبد ويطالب بتكبيل المحامي، المتشبث بالقانون الذي يدرسه بالجامعة وبممارسة حقوقه المكفولة دستوريا، وهو يصيح بكل ما أوتي من جبروت وغطرسة : "أنا القانون وأنتم لا شيء" (انظر الصورة).الدكتور نضال ابن السيد عبد الوهاب معطر كان له رأي آخر حيث يقوم بتصوير مشهد اعتداء أعوان الأمن على والده وهو ما يثير حفيظة جميع أعوان البوليس الذين يتكالبون على الطبيب المسكين في محاولة يائسة لإفتكاك آلة التصوير من أيديه... ميزان القوة كان لصالح المعتدين ولكن نضال، وهو اسم على مسمى، يرفض الإذعان لمشيئتهم بكل ما أوتي من قدرة على التحمل كلفه الأمر ما كلفه من خدوش وكدمات وتمزيق لملابسه...رئيس المنطقة وهو يشاهد أعوانه عاجزين عن التعدي على حقوق مواطن أعزل أمام أعين العشرات من المتعاطفين من أهالي جرجيس، يخيّر وضع حد للتلاسن وللفوضى ويتركنا مكرها ننصرف لحال سبيلنا، لمدة قصيرة بالطبع، حيث تعاد حجز رخصة سياقة نضال معطر مرة أخرى من طرف دورية مرور أخرى مجهزة بالرادار بدعوى تجاوز السرعة المسموح بها... ربما يكون نضال تجاوز السرعة حينها ولكنه كان ملاحقا بسيارتي شرطة لم تكفا عن استفزازه ومضايقته طوال المشوار !!!في وقت متأخر من نفس الليلة نترك جرجيس لعبد الله الزواري وهو في حالة من القلق الشديد ويهدد بشن إضراب جوع مفتوح ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى ما لم تستجب السلطات لمطالبه المتعددة لإخلاء سبيله وتركه ينتقل للعاصمة حيث يعيش باقي أفراد أسرته... للموضوع بقية.
زهير اليحياوي 11-01-2005

عودة لحظيرة الديمقراطية ...زهير اليحياوي

لنعترف بأننا ضحايا زمن الفرجة والإثارة، فالإنسان العادي لم يعد يسعى للحقيقة بقدر ما أصبح يكتفي بالصورة التي تعكسها له وسائل الإعلام فلو اجتمع مثلا بضعة آلاف من المتظاهرين في أحد العواصم الغربية للتنديد بالمهزلة التي أقيمت بتونس قبل حدوثها وطالبوا بمقاطعتها أو على الأقل توفير حد أدنى من الضمانات لإنجاحها لكانت النتائج غير التي أعلن عنها ولما تجرأ أصحاب القرار عندنا على الاستهزاء بالشعب التونسي بهذه الطريقة المخلة بكرامة وذكاء شعب بأكمله.لنعترف أيضا أن العولمة نجحت في تشويه صورة جل الإيديولوجيات الفكرية والمذهبية وإلصاق كل العيوب والمساوئ بها حتى لم يبقى خيار غير الانخراط في تجليات النمط الديمقراطي الكلاسيكي الذي يسود جل الدول والأنظمة المسماة بالعالم المتحضر وحتى بين الدكتاتوريات المتسترة بقناع الديمقراطية والقانون مثل نظام 7 نوفمبر اللقيط.لنقر أيضا بأن أي عمل جماعي وأي مشروع شراكة يستحيلان دون اتفاق مسبق حول السبل والأهداف التي تجعل الفرد يتخلى عن نزعته الفردية وحريته لينصهر في بوتقة المجموعة وليتقيد بضوابطها، فتونس ترزح تحت الدكتاتورية وستظل كذلك لفترة أخرى قد تطول وقد تقصر ما لم تظهر كتلة معارضة قوية ومؤطرة قادرة على قلب موازين القوى لصالحها وهي للأسف غير موجودة الآن ولو أن المعارضين والساخطين على النظام موجودين بقدر كافي يسمح بقيام تكتل واسع ومؤثر قادر على قلب موازين القوى رأسا على عقب، فالمال الذي هو قوام كل عمل بشري بقطع النظر عن منفعته أو ضرره سلاح يجابه به النظام التونسي كل منتقديه ويقهرهم فالواقع يشير أن المعارضة الحالية تعوزها الإمكانيات الشيء الكثير بالإضافة كونها تجهل كيفية الحصول على التمويل الذي يضمن لها استقلاليتها دون الانغماس في أنشطة مشبوهة تعود عليها بالوبال وتعيقها عن القيام بواجبها على النحو الأكمل.خلال متابعتي للحملة الانتخابية ترددت على مسامعي، خاصة من خلال القنوات الفضائية العربية، عبارة المعارضة الافتراضية مرات عديدة جدا من قبل أنصار الحزب الحاكم ومن والاهم من أحزاب الإدارة ومنظماتها، والذي شد انتباهي أكثر هي الأوصاف التي ألصقت بها من نوع "معارضين شواذ"، "معارضة منفصلة عن الواقع التونسي"، "معارضة لا تمثل شيئا" ... والشيء الغريب أن كل هذه التهجمات المجانية تمت بلهجة متشنجة وعنيفة تخفي رغبة كبيرة في التشفي والانتقام وهو أمر يدعو للتعجب حقا فلو كانت هذه "الزمرة الضالة" لا معنى لها ولا وجود، لماذا يضيع هؤلاء الشخوص وقتهم وجهدهم في التعريف والتشهير بها لدى مختلف المتتبعين وهي التي لم تكن حتى طرفا في اللعبة الانتخابية. خلاصة القول هنا ليس مدح هؤلاء "المعارضين الافتراضيين" أو الرفع من شأنهم ولكن إبراز وجودهم الفعلي وتأثيرهم النسبي في الساحة رغم محاولات النظام الدكتاتوري البائسة لوأدهم وعزل من منهم في المهجر عن الباقي الموجود بالداخل.التساؤل الذي يطرح نفسه بعد كل هذا التمهيد هو لماذا لا تتحول "الكتلة المتفرقة" المسماة جزافا "معارضة افتراضية" إلى كيان يسمح بخلق رادع للدكتاتورية وبديل قادر على إقناع أهل وشركاء تونس بأن النظام الحالي ليس الخيار الوحيد المتوفر حاليا ؟


الواقع والموجود-

المعارضين الغير منضوين تحت لواء أي حزب أو منظمة وطنيتين عدد غير هين وأفرزوا في السنوات الأخيرة كفاءات من الغير المعقول أن تفتقد إطارا قادرا على جعلها تأخذ بزمام المبادرة وتقدم الإضافة المرجوة منها، فعدد غير يسير من المعارضين المستقلين وأغلبهم من الشباب يرفضون كل الأطر الموجودة ولازالوا يبحثون عن المكان الأمثل القادر على جعلهم يشقون طريقهم بثبات نحو الإنعتاق من أغلال النظام الحالي.- المعارضة المستقلة هي التي تتحكم الآن بوسائل الإعلام المحلية الأكثر تأثيرا في فضح الدكتاتورية ومساوئها وان كانت كلها تقريبا تنشط على شبكة الانترنت.- الإطار الجامع لهؤلاء المعارضين يسير نحو التكوين بخطى متزنة وهو ما يعرف ب"الحظيرة الديمقراطية" والتي ساهم في بلورتها جملة من المعارضين الراغبين في الرقي بالنضال ضد الدكتاتورية نحو فضاءات أرحب ولكنها بالمقابل لاقت تجاهلا غير مبرر من أغلب مكونات المجتمع المدني.- التمويل هو العائق الأساسي والأكبر وراء ضعف أداء هذه المعارضة ونقص تمثيليتها في الوقت الحالي.- بناء قطب جديد يتطلب نسيان كل الخلافات التي حدثت قبل 24 أكتوبر 2004 والقيام بمصالحة حقيقية للانصراف نحو المستقبل فالثقة المتبادلة، المنعدمة حاليا أو تكاد، شرط أساسي لكل عمل ناجح وطويل الأمد.- الوجود المادي والقانوني لهذا الإطار يجب أن يكون بالأساس خارج ارض الوطن بعد أن تبين بالمكشوف انه من المستحيل قيام معارضة فاعلة في تونس دون القبول بتنازلات مخلة بالمصداقية أو الشرف والمبادئ ومن ناحية أخرى النشاط انطلاقا من المهجر يسمح للمعارض بحماية لا يمكن أن تتوفر له بتونس ويجعله بمنأى عن تشفي الدكتاتورية وانتقامها.- المعارضة السياسية والجمعيات الحقوقية التي تتمتع بالمصداقية يرغب أهلها في تسليم المشعل للجيل الصاعد ولكن الواقع يبين أن هذا الجيل مفقود أو استقر قسرا بالمهجر وهو ما جعل البعض يجزم أن النشطين الحاليين هم سبب البلية بينما الواقع يدفعنا جميعا للإقرار بان تسليم المشعل وضخ دماء جديدة ليس يسيرا وسهلا بالطريقة التي يتصورها البعض.- المستقلين من المعارضين تمكنوا من ربط قنوات تواصل مع الجهات المؤثرة في الرأي العام يحسدهم عليها النظام وحتى بعض أطياف المعارضة الأخرى.- بناء حلف جديد لا يعني إعلان حرب على ما هو موجود بل هو مساهمة في دعم الحركة الاحتجاجية والإصلاحية لان كيان المعارضة التونسية لا يزال وللأسف حد الساعة في طور التبلور والتنظيم.


حلول... أم أحلام يقظة
الواقع علمنا بأن من يحلم بكبير الأشياء لابد له أن يحقق على الأقل صغيرها لذا من غير المعقول أن يخجل من نفسه أو يتقوقع في ضفته كل من يتدارس السبل التي تمكن من القضاء النهائي على النظام التونسي الفاسد، فالنقاش وتطارح الأفكار السبيل الوحيد للتقدم ولو كانت هذه الاقتراحات تعتبر غالبا عسيرة المنال وصعبة البلوغ وتدفع حقا دارسها للإحباط.المادة الخام، والمعذرة على العبارة، موجودة وهو ما يسمح بطرق السبل الكفيلة بلم شملها لجعلها تنخرط في مسار تحرير البلاد من هيمنة الحزب الواحد واكتساح مواقع قدم في خطوط المواجهة مع الدكتاتورية وذلك عبر تجسيد أحلام طالما راودت الكثير منا.

لماذا إطار آخر؟
لأن الواقع يرفض الجمود والخمول... لأن البقاء مكتوفي الأيدي لن يزيد الأمور إلا تعقيدا... لأن الأطر الأخرى أسستها ظروف مخالفة للتي نعيش... ولأن جيل الاستقلال مل الانتظار والترقب كان لزاما طرح مسألة تكوين إطار مختلف عن السائد والمألوف وهذه صورة تقريبية وغير نهائية لما يجب أن يكون :- منتدى لا يقبل غير من يتقيد بأهداف "الحظيرة الديمقراطية" وأهمها الحرية والمساواة والعدالة للجميع.- تكتل يكون وينشئ جيلا يعي ويتمرس على معاني التسامح واحترام الآخر وينبذ التمييز والتفرقة والتعصب الديني والعرقي.- تنظيم مفتوح لكل من يرغب في النهوض بمسار الإصلاح في تونس بقطع النظر عن لغته أو جنسه أو دينه أو انتمائه الجغرافي ولا يخضع للقانون التونسي المجحف وتعدياته الصارخة على حقوق الفرد والمجموعة بل لضوابط البلد الذي يؤويه وقوانينه.
التمويل مرة أخرى
!عبث حقا أن يتواصل الواقع على ما هو عليه ومن غير المعقول أن يتواصل إهدار الطاقات والجهود بهذه الطريقة فالواقع يفرض علاوة على توحيد النضال ضد الدكتاتورية توفير الأسباب لنجاحه وديمومته ويبقى وجود التمويل الذي يسمح بإعلاء الكلمة وإيصالها الوجهة المثلى مطمحا لا غنى عنه وهذه بعض المقترحات :- وجود دوريات ورقية تساهم فيها خيرة الأقلام هدفها تحسيس المزيد بضرورة تغيير الوضع البائد وإعطاء واجهة أرقى للمعارضة علاوة على أنها توفر مدخولا ماليا يصلح لتنظيم أنشطة أو ندوات للم الشمل.- تنظيم ملتقيات وحفلات ومعارض للفن الملتزم تكون فرصة لمزيد انتداب المترددين وإقناعهم بالانخراط في المسار الإصلاحي دون إغفال مردودها المادي الجيد.- إحداث نوادي شبيهة لفضاءات "المرأة والجيل الثاني" التي أطلقتها الدكتاتورية في كل تجمعات التونسيين بالمهجر وهدفها الرد على بوق دعاية الدكتاتورية وفضحها علاوة على أنها تأسس للحمة متينة بين المعارضين وتساهم بتوفير مردود مادي محترم.- مقاطعة الدكتاتورية ماديا بالداخل والخارج وعدم التعامل ماليا مع غير المعارضين.الأفكار عديدة وأغلبها قابل للتطبيق الفوري لو وجدت الإرادة الصادقة والرغبة الحقيقية في خدمة هذا البلد.
زهير اليحياوي 28-10-2004

لا حضيض بعد اللّذي نحن فيه



و على كل الأصعدة ...ماعاش باش ننزلو أكثر ...وصلنا قاع ...هنا لازم ندّابزو و ما يطلع على بره كان الصّحيح ...ماهو لزمنا باش نسقــــــــطو جميعا باش في يوم من الأيام نطلعو ...هنا في القاع ...ما عاد حتى شعب أقل منّا ...صادق ألي كتب : يا أمة ضحكت من جلهلها الأمم...يخيفـــفها القرطاس و القلم ...إذا كان مازال عندكم ما إتقولو و ما تكتبــــــــــــــو بالنصّف الأسفل و على النصّف الأسفل ...راهو سي لمومم !!!!!!!

لإقول القائل علاش ...تسقط رجال في الفارغ ؟ تسقط أقلام ، كانت قادرة إتكون في يوم من الأيام مزار في الثّقافة !!! علاش ها التّفاهة ؟ إنحب نعرف إشنوه سبب الفراغ هذا ! السياسي و الثقافي ...إشنوه سبب ها الرّداءة ؟ أش بيــــــــــــــــنا هكّا ؟

وين يتحّل فضاء صغير ....و الناس تلقي وين تمشي وين إتجي ...تخرج علينا الفقاقيع باش إتخمّج كل شيئ ....من وقت تونزين ...الحكاية هذه عندها مدّة و قاعدة ملازمتنـــــا !!!! زعمة ما إكونش سببها النضام نفسو ...ألي زاع ناس داخل البلوقسفار باش إتحط من قيـــــــــمتو و إتخمجو ....أنا ما عنديش شك في الحكاية هذه ...بل متأكد جدا !!!بالي ثم يد خفّية إتحرّك قي بعض المدّونيـــــــــــــــــن ...باش ما يصلح شبئ ...باش الناس ما تتفاهمش ....باش إطيح المستوى ...أكثر و أكثر ...حتى إتفد الناس و إتسّكر المدونات متاعها ....حتى يفرغ الفضاء هذا ....و إعّم التّعفن ....لأن الحاكم هذا ما إنجم إعيش كان في التعّفن و كان في الخمج.....

و لكن زايد ....أنا باش إنواصل ...إندّون ......و باش نقعد يا جماعة ..ألي ما لا نهاية !! ما نيش باش إنهز يــــــــــدّي من الحكاية .......و لو أكتب من جديد جمهورية أخرى !!!

أيها المدّونون أيها المدوّنات ....واصلو الكتابة كما كنتم ....كما تودّون أن تكتبو واصلو فأن الفجر لقـــــــــــــريب ......... ستنتصر الحرّية ....و تنتصر الأقلام الطاهرة !!!!!

قاسم قاسم