16‏/10‏/2008

تونس - صفاقس - جرجيس (الجزء الثالث)


بالرغم من إجماع كل نشطاء حقوق الإنسان على الطابع التعسفي والانتقامي للمراقبة الإدارية التي يخضع لها السجناء السياسيون مباشرة بعد تسريحهم من السجون إلا أن ما يقع لعبد الله الزواري الصحفي والقيادي البارز بحركة النهضة الإسلامية المحظورة أخطر من ذلك بكثير ويشكل تعديا صارخا على القانون التونسي وعلى جميع المواثيق والعهود الدولية التي يتشدق النظام التونسي بأنه أمضى عليها جميعا.قبل الخوض في متاهات هذه الحالة المبهمة لكل دارس أو مهتم بحقوق الإنسان في تونس لا بد من توضيح بعض النقاط :- لست بحاجة لأن أكون متفقا مع عبد الله الزواري أو ظهيرا له حتى أمسك بقلمي وأساهم من موقعي في رفع شيء من الغبن المسلط عليه منذ بداية التسعينات.- لا وجود لدليل واحد ملموس ومادي يجعل النظام التونسي يعامل عبد الله الزواري على أنه إرهابي وليست هناك وثيقة واحدة مكتوبة أو صوتية تبرز أنه دعا في يوم من الأيام لتقويض نظام الحكم في تونس أو لتغييره بالقوة.- من حق كل مواطن تونسي أن يخالف عبد الله الزواري آراءه وأن يعارض أفكاره بكل الطرق المشروعة والمتاحة ولكن لا يحق للنظام التونسي أو غيره أن يسوّق لنا هذا الرجل على أنه خطر على الأمن العام أو تهديد مباشر لمؤسسات الدولة.- إن كان للنظام التونسي مآخذ على هذا الرجل تجعله يقمعه بكل هذا العنف فمن واجبه كحاكم الكشف عنها حتى نفهم ما خفي عنا.وضعية عبد الله الزواري لا تختلف كثيرا عما نعرف عن التشفي والانتقام الذي يلاحق به النظام الدكتاتوري في تونس كل من يخالفه الرأي ولكن شجاعة ورحابة صدر عبد الله الزواري الذي وافق على نشر جزء لا يستهان به من جزئيات حياته وخصوصياته وجعلها على طاولة درس كل من يسعى لفهم ما يجري في بلدنا تجعلان الأمر مختلفا وأكثر أهمية، فكما هو معلوم من الصعب على المرء وخاصة عندما يكون ذو كرامة وعزة نفس أن ينشر "غسيله" على الملأ وكأنه يستجدي هبة أو عطاء هو أدرى من غيره بأنه حق مكتسب له تمكن الغير من اغتصابه بكل ما أوتي من جبروت وصلف... ولكن ما باليد حيلة فالرجل طرق كل السبل المتاحة ولا من مجيب.إن كان لا بد للموضوع من بداية فلتكن نهاية فترة سجنه التي امتدت لإحدى عشرة سنة من 06 - 06 - 1991 إلى 06 - 06 - 2002 حيث نكتشف في خفايا الوثيقة الأولى (اضغط هنا لرؤية بطاقة الخروج من السجن) أن السجين عبد الله الزواري قد أمضى كامل المدة دون أن يتمتع بيوم واحد من حط العقاب أو من العفو وبمزيد من التثبت الذي لا يقوم به غير سجين سابق مثلي ومثله نكتشف أن عبد الله الزواري قد أمضى ثلاثة أيام زيادة بالسجن فالسنة لدى القانون المنظم للحياة السجنية، المهضوم الجانب دوما، تحسب بالأيام أي 365 يوما لا غير وهو ما يجعلنا نستثني 3 أيام من السنوات الكبيسة المقضاة وراء القضبان وهي سنوات 1992 و 1996 و 2000، هذا التعدي الفاضح على حقوق هذا المواطن الأعزل والذي يجرمه القانون التونسي لا يكاد يذكر أمام الانتهاك الصارخ الذي تتعرض له حقوق عبد الله الزواري اليوم حيث تنص وثيقة خروجه من السجن علاوة على ذلك أن عنوانه الأصلي برادس من ولاية بن عروس وهو ما يجعل المراقبة الإدارية تكون حتما بهذه الولاية دون غيرها وليس بأقاصي الجنوب التونسي في حاسي الجربي الذي يبعد عن مقر إقامته المثبت بأوراق رسمية 550 كيلومترا على الأقل. هذه النقطة بالذات هي أكثر ما يشغل بال عبد الله الزواري هذه الأيام بعد أن تحولت المراقبة الإدارية إلى نفي وإقامة جبرية فهو لم يعد يقوى على العيش بعيدا عن أفراد أسرته المقيمة بالمروج الرابع من ولاية بن عروس ولم تشفع له كل مراسلاته ومكاتيبه العديدة للسّلط في شيء حتى يتمكن من لم شمل أسرته والعيش تحت سقف واحد كغيره من الخلق.هذه نبذة من الوثائق التي تبرز الحيف والاضطهاد المنهجي الذي يتعرض له عبد الله الزواري وهو ما سيجبره في مرحلة أخيرة على الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من ثاني أيام عيد الأضحى بعد أن باءت كل محاولاته بالفشل الذريع وتنبه إلى افتقاد الحاكم عندنا لكل واعز أخلاقي أو قانوني يمكن أن يثنيه عن التنكيل بضحاياه :
برقية إلى رئيس منطقة الأمن الوطني بجرجيس- مباركة الغناي حرم الزواري - بطاقة التعريف - عقد كراء مسكن- محمد الطاهر الزواري - بطاقة التعريف - شهادة حضور- خولة الزواري - شهادة حضور- انتصار الزواري - شهادة حضور

ليست هناك تعليقات: