· للدكتاتورية خيال ضيق
·
الخوف كل الخوف سادتي أن يطالبكم عدو الديمقراطية بتطبيقها. ما قولكم لو غدا يتمكن الشق السياسي من الحزب الحاكم من الشعب للمرة الخمسين و يصبح ليطالب بالحرية و الكرامة خبثا و مرواغة. ستعجزون على الرّد كما ستعجزون على المطالبة بنجدة سريعة. و بمن يا ترى بشقه الأمني؟ أم بأحد أحزاب المعارضة الغربية؟ الدهاء كل الدهاء سادتي أن يفتك منكم سلاحكم و أنتم سكارى بجدل المعارضة و العويل الذي لن يزيدكم إلا شفقة. من إنقلب على الرابطة هل هو الجهاز الأمني أم الجهاز السياسي؟ بالعربية الفصحي من وراء الأنقلاب؟ الواضح أن الجهاز الأمني بكل فصائله هو المخطط للأنقلاب ...بل لا جدال فأن التغير عندهم لا يحدث إلا عبر الأنقلابات و التصفية الجسدية إن لزم الأمر. إن الجهاز الأمني أخذ من إنقلاب نوفمبر مبدأ و فلسفة كاملة بل طريقا لأي عملية تغير. لو كنا فهمنا هذا الأمر منذ 17 عشر سنة لما وصلت المنضمات الوطنية إلى ما هي عليه الأن. يعني لتفادت أسلوب الأنقلاب و لكانت قد جهزت نفسها لمثل أحداث الطوارئ. في الواقع لقد جزّ بها لينقلب عليها المنقلبون.
السؤال : هل تستطيع المعارضة الوقوف أمام المنقلبين بأعتماد الديمقراطية كمنهج تحليلي لما يحدث على الساحة السياسية؟ الجواب نعم. لماذا نعم سيدي؟ نعم أننا بصدد بناء منهجية ...بصدد فتح طريق جديد لأي تغير ممكن حتى لا نعطي الفرصة لأنقلاب جديد. ولكن كيف نطبق الديمقراطية مع أعداء الديمقراطية ...لن نستطيع الوقوف أمام جهاز أمني و مخابراتي كالذي عندنا؟ نحن ننشد ديمومة الحرية و الكرامة للشعب التونسي بأكمله ...يعني نحن لنا هدف أسمى من أن نربح مقعدا في الرابطة أو في نقابة معينة....خطوتان إلى الوراء قد تكونا أثمر من خطوة إلى الأمام. للمنقلبين هدف واحد ألا و هو السلطة و الثروة لا أكثر و لا أقل.
في كل إنقلاب جديد تزيد عزلتهم على الشعب...ولذلك هم يلتجؤون للقظاء المأجور في البحث عن شرعية الأنقلاب في البحث عن نص قانوني و حتى وأن لزم الأمر لأيجاده غصبا عما يسمى ببرلمان. لذلك سادتي إجبرنا بل وجب علينا دمقرطة الجمعيات التونسية حتى لا يتورط الوطن في فلسفة الأنقلابات. إذا نحن مسؤولون أمام التاريخ و أمام أبنائنا قبل الدكتاتورية و قبل المنقلبين. إن فشل فلسفة الأنقلابات لا يستحق حتى الأشارة إليه. المسألة مسالة وقت فقط وللدكتاتورية مستقبل يقين ألا وهو الأفلاس السياسي و الأقتصادي و الأجتماعي.
هل أشفق عليكم ؟ أم أزيد الطين بلة؟
ألم أقل لك سيدي إني تلميذ عنيد. لماذا؟ لأني شرقي و الشرقي لا يعترف بدور غير دور البطولة. ككل المعارضين (أه) ككل الأبطال التي لم تبارح مكاتبها(أه أه) ؟ ألست من إصدقاء أبو الطيب المتنبي؟ ألم أتربى في بيته و بالقرب من خيمته و سيفه؟ أيكون شاعر الصحراء أكثر حداثة منكم؟ لا أبدا ...لا أبدا ليس كما أنتم تعتقدون؟ يا أيتها المعارضة لك هذا البيت :
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ......فيك الخصام و أنت الخصم و (لا) الحكم
ألم نستمع ؟ ألم نقرأ كيف تحاول الأيادي المرتعشة البحث لها عن عذرية سياسية لتقترب شيئا فشيئا من دواليب المعارضة و تجعل منها مهزلة جديدة؟ من تورط في الحقيقة؟ المعارضة مرة أخرى لأنها لم تستوعب حقيقة المعركة و جعلت من الشعب التونسي رهينة وجودها. غير أنها في الواقع و على الساحة السياسية لم تقدم له شيئا سوى الألقاء بأبنائه داخل سجون الدكتاتورية. المعارضة توهمنا أنها بصدد العمل من أجل غدا أفضل و النضام يوهمنا بأنه يمارس أختيارات الشعب. في الحقيقة لا أرى دورا للشعب الشعب التونسي إلا وضيفة المفعول به.
مفعول به من طرف المعارضة اللقيطة التي لم تستطع أن توجه خطابها إلى الأسفل و مفعول به من النظام الذي يستعمله كدرع أمام المعارضة. أساتذتي في القانون و القظاء أريد أن أفهم منكم كيف نوحد المعارضة المختلفة إديولوجيا؟ صراحة أستغرب إجابة بعظكم عن هذا السؤال البسيط. نحن لم نطلب منكم أن تجلسوا إلى مكتب واحد لتكتبوا لنا تصوركم و كيفية إلتقائكم. نحن لم نطلب منكم أن تتحدوا غصبا عنكم. أنتم بأنفسكم وضعتم هذه النقطة التي أصبحت عندكم تمثل البداية و النهاية. حيث أرى أنكم إقتنعتم بدونها لا حرية و لا كرامة للشعب التونسي. يعني و بدون إلتقاء الأسلامين و العلمانين لن يتحرر الشعب التونسي إلى يوم الدين.
أنا هذا التلميد العنيد أقول لكم هذه الجملة المفيدة : الموحد الوحيد للمعارضة هو الشعب التونسي و ما كتبكم و قناعتكم الخاصة إلا مرض العناد الذي أصابكم عفاني و عفاكم الله. أسف فقد أصابني عنادا اخر ليس الذي برؤوسم و لا الذي في كتبكم. فلو وجهتم خطابكم البسيط و المبسط و السهل إلى الشعب التونسي لتوحدتم في جبهة واحدة دون دراية منكم. لأن الشعب التونسي ليس في إنتضار الأسلامين و لا في إنتضار العلمانين ليخلصه من براثن الدكتاتورية...بل هو في إتضار أي إنسان يكرمه و يشرفه و يريد له الخير لا أكثر و لا أقل.
نص بسيط واحد يكفي ليوحدكم ممضى من طرف المعارضة فقط : بمعنى الممضى لا يكون شخص أو مجموعة بل فقط كلمة معارضة. سادتي مازلتم تتنافسون على إمضاء العرائض و الوثائق ....سادتي عيب عليكم و عيبي أكتب هذه الجملة البسيطة لأناس تخرجت من أكبر جامعات العالم.
سادتي السياسة في مفهومها التطبيقي لا تمارس إلا مع الشعب نفسه ...يعني السياسة الشعبوية. أن يلتحم جميعكم بالناس كان إسلاميا أو علمانيا وجب علي أن يحدثهم بلغة الحرية و الكرامة لا أكثر ولا أقل. خارج هذه الممارسة لن نفهم برامجكم و نقاشاتكم و مدكم و جزركم. نريد منكم نصا لا أكثر و لا أقل عندها سيوحدكم شعبكم كما لم تكن سنين الأنتظار الطويلة هذه.
أخيرا بدى لي أن أكتب هذه القصيدة
إقطع يدي
و إشرب دمي
سيدي
لا تخجل
أستاذي...حبيبي .. لا تخف
لست لك بالمطيع
و لست لك بالسميع
إقطع لساني
...إذا
أنا هذا العنيد
ألست رسولا ؟
ألست النّبي.
فأشفي غليلا بقطع اليد.
لن تشفي غليلك
بفقد حبيبك
بروح خليلك.
في ساعة غظب.
قاسم قاسم