*
أكتب ما لن يتجرأ أحد عن كتابته، أكتب دواخلكم....أكتب ما تشعرون به، ما يختلج في صدوركم، خوفكم من السلطان، حزنكم الدّائم، فرحكم المكتوم، بسماتكم التي تحاولون إخفاءها. سعادتكم بسماع طلقة رصاصة طائشة. هكذا، و عندما غاب العقل عنكم ، تعطّشتم لأشتمام رائحة الدماء. و غابت الحكمة عنكم في إنتضار رصاصة تخترق جدار الحمار و الكلب. هكذا، سقط جدار الخوف في بلدي...ليبنى جدارا أخــــر. تخافون كتابة الثورة، و تخافون النّطق بها. تحلّيتم يا أبناء وطني بالعقل و الطيبة حتى زني ببناتكم بين أعينكم، حتى أعدم الفرح في بيوتكم، حتى خرّبت مدارسكم، حتى قيل عنكم صبايا هذا العصر. سأزيدها إن لزم الأمر بعض الحروف ثورتي الدّائمة. ثورة على الظّلم و القهر، ثورة على الغصب، على الغورة و الدّسيسة، ثورة على عقولكم و تعقّلكم، ثورة على الهزيمة في صدري. ثورة على هزيمة هذا الوطن. ثورة تحرر العبيد . أنام ثائرا و أصحى ثائرا و لتسقط مدارس العقل في ديار الخليفة و السلطان. حكّمو عقولكم كما طاب لكم و لن يطيب لكم شيئ إلا بمشيئة سلطان القبيلة. هذه سلطنة أم ألة لصنع الرّصاص و القنابل البشرية.
أتيت إليكم لأتحدى و لا شيئ غير التحدّي. أتحدى السلاطين و العسسا...أتحدى الرّصاص و الخراتيش، أتحدى الكلامات المقعورة و العقل البليد. ثورتي أكتبها كما أرها، كما أشعر بيها و كما سأتفنن في سرد أحداثها. أكتبها نائما إلى ركبة زينب. على السّطوح، من فوق شرفات المنازل، على الحدود أكتبها، شرفا لي و لكم. أخاف أن يقبض عليّ و يكتب السلطان أيات الختام، لن يضيف حرفا و لن أترك للعسسة فرصة للتفكير حتى. ثورتي و أمضيها بدمي، برصاصة في ظهري. أخاف أن يتمكن الخوف من قلبي، أن يسكن أصابعي، أن تلتصق بجدراني الهزيمة .....أخاف أن يقطع لساني قبل أن أبوح لكم بالحب العظيم. لا ثورة دون حب...و لا حب دون أرض و لا أرض دون سيف يحميها.
ما الشرف عندكم.؟ ما العدل عندكم ؟ ما الكرامة؟ ما الحرية ؟ أ عند أقدام السلطان؟ أ أعلى فراش عاهرتريدون أن أكتب الرّجولة فيكم؟ أ على فرس هزيل أكتب الشجاعة فيكم ؟ أبقلم سقيم أكتب العقل فيكم؟ أ بمدّ أياديكم أمام باب سلطان مدينكم، أكتب الكرم فيكم؟ أ بكتبكم المسمومة أكتب الحكمة فيكم؟ يا بني وطني، إن الرّذيلة لا تكون إلا دين لمن لم ينشد عزّته فوق أرضه.
فجأة، صفــّر الرّصاص، نزلت ملائكة الرّحمان على الميدان بزعامة عزرائل. دوت أقدام الموت ...أشتدت، فحمى وطيسها، معركة بين السلطان و الرّعية. إصطفت الجنود و قرعت طبول الحرب و نادى المنادي...هي على الحرب.... عضمت الفتنة في وطن الأوطان...و جلست الرّعية على الشرفات، في نقل مباشر من ساحة الوغى. لا أحد يعرف و لا أحد سمع بموسيقى رّصاص الرّفض.
سأكتب على كل رصاصة إسم ( قاسم). هذه الرّصاصة تسقط ترمي بالفرس أرضا كما الميت، لكنه لا يموت و لا يلتحق بالرّفيق الأعلى. هذه الرّصاصة تخترق الجسد لتسكن فيه و تشعل نار الثورة فيه، يقشعر، يغمى عليه، يشعر برّجة كهربائية، تجعل منه يتقيأ دما، هذه الرصاصة، و بعد عدّة دقائق تكون قاد ذابت داخل الجسد، كذوبان السكر في الماء. لا وجود لها و لا داعي للتفتيش عنها إلا أن كان صاحبها عديم الخلق و الخلق ( بضم الخاء)، لا أدب في جرابه، لا رحمة في قلبه، إمتلئ جيبه بالرّشوة و السّرقات
قد قيل عنـــا، أننا الذل إرتضينا و أن لا فائدة من هذا الشعب، و لا أمل فيه، فهو يخاف السلطان أكثر من الرّب. قيل عنـــا، شعب راقص و جدا للفن ذواق، و لا ينشد شيئ سوى البطن و الذكر....ما اللذي جعل أحمد و صالح، عيسى و على يحملون السلاح ! و يلتحقون بالجبل؟ ألم يسمعو برصاصة قاسم؟ غريب أمر هذا الشعب؟ غريب أمري في حدي ذاتي ...نكتب الثورة كما نكتب الهباء !!! لا أحد يقرأ لنا و لا نحن توصلنا أن نقنع الأبطال.
نحن ياسادتي، يا من تكتبون الغث و السمين أصبحنا خارج المعركة و خارج الحلبة و خارج التاريخ. فاتي الحب و فات السلطان الرّبيع . نحن، أنا ، إنتم يا من تطرحون و تتفلسفون علينا و على العالم بمقالتكم و بتحاليكم و بعقولكم أصبحتم خارج المعركة تماما...كفو إذا علينا و أغلقو مكاتبكم و جرائدكم و مدوناتكم فلم تعد زينب بحاجة لعويلكم ...لم أرى أغبى من نخبة فاتها اللّبن و فاتها الأدب و فاتها الصراع في حد ذاته. نخبة تتخبط في تحاليل الماضي و تجعل من المتسلّطين أبطالا و شهداء، لن تكون لنا بنخبة و لن تكون سوى إمتدادا للفشل و السياسة الشعبوية....يريدون إرضاء من إستمع لهم في يوم مــا على ملل. يريدون جمع الناس حولهم بخطاب يبشّر بأنتصار كان في الماضي في قلب الصحراء العربية...يخاطبون شعبا مهزوم، فيزيد غرقا في الضباب و الضبابية.
قالت العشيرة، إنتضرناكم طويلا! قرأنا لكم كل ما كتبتم، حفضنا أشعاركم! شاهدنا أفلامكم !!! و لكن لم نرى الخير منكم و لا من السلطان....قالو مللنــــــا، الخطاب، مللنا الكتاب ، مللنـــــــا الكذب و النفاق. قالو نحن على سنة أبينــــــا و العين بالعين و السن بالسّن و البادء أضلم. إزداد النفاق و إشتد البطش بزينب و حليمة، جوعت إطفالنا، شردّت نساءنا، طلّقت بناتنا...أغتصبت الأرض! أغتصبت حتى الرّجال، أضافت العشيرة بقلم الرّصاص: لن نكونو إلا و السيوف بجيوبنا و إنتم أيها الكتاب بالشعر لن تحركو ساكنا...و بالكلام لن تنشرو إلا الرّماد. خرجت، العشيرة إذا، إلى الجبل في إنتضار المدد و العتد من القرى المجاورة للحدود.
جاءهم المدد! جاءهم العتاد و العتد...غاب العقل عنهم...نزلو إلى السفح! إلى القرية يبحثون عن ضحية! لا ضحية في يوم العيد سوى زينب حبيبتي !!!!!!و لم يعرفو أين كتبت القانون أو الدستور...يعرفون إلا قصّة نزوله من عند الرّحمان، حفضوه على ضهر قلب و لكن لم يعيشوه، و لم يتفرّسو فيه. في صلبه لم يخوضو و لم يستنجدو حتى بمن بالمعرفة كان قد تزّود.
من منع الحجاب؟ أليس البرلمان؟ من منع الصلاة عليهم؟ أليس البرلمان! من أغلاق أبواب المساجد أمامهم؟ أليس البرلمان؟ من و من. كيف و من؟ أليس هذه الخرقة أو ما يسمى ببرلمان الشعب. إفرغت كل الكلمات و المفاهيم من معانيها، جرّدت هذه المؤسسات من هويتها، فأصبحت محور الشرّ و محور الرّذيلة، قلب الجريمة و أم الفتنة التي حلّت بوطن الشابي و عبد الرّحمان إبن خلدون. بأسم الشعب يسرقون و ينهبون، يشنقون و يعذبون...بأسم الشّعب و بأسم االتّفتح و الحداثة و التحضّر يعّرون النساء، بأسم الشعب ينتهكون مقدسات الشعب، بأسم الشعب يغارون ليلا على أبناء الشعب، بأسم الأمن و الأمان ينتهكون الحرمات ....ما أحقر هذا العقل و ما أجنـّـه جنون...ما الفرق أن تقتل الأنسان جوعا أو أن تقتله برصاصة مسمومة....إستوت الموت و الحياة ...فتكلّم الرصاص. و من الجهة الأخرى بأسم الرّب يحرّمون و يحلّلون...بأسم الرّب يزّكون و يبشّرون !!!! بأسم الرّب يريدون فتح القيروان من جديد.
و ما ذنبي أنا و ما ذنب زينب، ما شأني في هذه الحرب ؟ أأزيد زيتا على النار، إم أطفأ نارا كانت شعلت بين ظلوع زينب عروس هذا الوطن؟ أنا الفلاح الفقير! أنا العامل البسيط ! ما مكاني ؟ أين حريتي و أين كرامتي التي حدّثتني عنها يا قاسم. سيدي يا سبّد القوم ، أما حريتك فأصبحت وقودا للحرب، بأسم الأمن ستفتّش في اليوم مرّتين، أما كرامتك فقد يشتري بها السلطان سلاحا جديدا لتنام أنت كالناقة مجترا لغبائك. سيدي الكريم، كنت دوما تلعب دور المتفّرج، كنت دوما تقول في صدره و لا في صدري ...اليوم سيدي الكريم، الرّصاصة قد تصيبك قبل أن تصيب رأس زميلك. سيدي الكريم لأنك تقاعدت منذ زمن بعيد و قلت أنا و عائلتي يفكر لنا ( بظم الياء). اليوم سيدي الفلاح، سيدي العامل ...فتّش عن سلاح لأن رأسك في النيـــــشان و بدونك لا مهزوم و لا منتصر. أنت سيدي يا مولاي حطب الحرب الدائرة ، أحببت أو كرهت ـ أصبحت مستهدفا في حياتك....هل عندك بعض الذّخيرة؟ لا يا قاسم !!!! إبحث لك عن وطن إذا!!!!! يحميك من حرّ الشضّية. أتصبح مسؤولا ؟ لا ادري يا قاسم....عندما تتحمل مسؤولتك ...سأحدثك عن من يفكر لك إن كنت قد فشلت في يوم ما.
ما اللّذي جعل من الرّعية، يتنفسون الصعداء حينما سمعو دوي ألات الحرب. ما هاذا الذوق الجنوني، لهاذا الشعب عندما يرقص على نغمات الرّصاص و طقطقات طبول الحرب. فرحت الرّعية، و كان الفرح غارقا في الصّدور و لم يطفو على السطح لأن الخوف مازال يسكن القلوب. سلطان مدجج بالة الحرب...مدجّج بصواريخ القمع و الضّلم و الفساد..سلطان مدجّج بالمقالات الفارغة و الحكمة المغشوشة.
فرحت كل الصّبايا و كادت تخرج من فاه زينب أول زغردة ...كانت سعيدة سمعت الطلقة الأولى ...و كانت لا تعرف ما اللّذي يجري ...حبيبتي لا تعرف من أطلق و على من أطلق و كيف إنطلقت الرّصاصة الأولى. أخترقت الرّصاصة جدار الصّمت الرهيب ...جدار الذل الرهيب ...لتقول عاليا لا لا لا لا ...هكذا حدثتني حبيتي ...هكذا قرأت في عينها الأمل المعدوم منذ عشرين سنة. كرهت زينب العسس، كرهت السلطان، كرهت منزلها، كرهت قصصها، كرهت شبابها اليائس. تنتظر رصاصة مني ...تثور بها على الخوف اللذي سكن قلبها, الصّغير. مازلت لم أجرّب الرّصاصة هذه و كيف لي بذالك و الحرس و العسس في كل مكان ؟ هل أشتري كاتم الصّوت ؟ و إرديها قتيلة زينب معذّبتي ؟ من قال، أن التجربة ستكون كما كتبت و كما صنعت يدي. رصاصهم من صلب الحديد و رصاصي من صلب الحليب، أبيضا ناصعا ، كشرفي، كشرفكم ، كشرف كل الأ قلام الثائرة.
رصاصهم يخرج من فوهة الحقد و الكراهية، مفخخا يخرج رصاصم ليصّم كل الأذان و رصاصتي مازالت لم تجرب بعد. تجربتي ستكون مع زينب!!!! إن أصبتها في القلب و ماتت، إطلقت الثانية في رأسي، و إن أصبتها في دمغاها و سقطت أرضا لتنهظ ثائرة ، صنعت مليون رصاصة....إفتحو إذا ملفـــــا جديد، فلقاسم مخزن مليون رصاصة.
تواصلت الحرب كامل اللّيل!!! و لم تنم زينب و لا نام الأمل. نزلت الدّبابة و أطلقت الصّواريخ...صفرت طويلا صفّارات الأنذار ... ألتحمت الجيوش، جيوش الحقد و جيوش الرّفض المسلّح. إزدات الشماتة ...و نزل المطر أسودا، تكاثف الضباب، جنّت الأرض و أستقر رصاصهم القاتل بصدورهم....يبرق وجه زينب عند كل إنفجار...تشتعل عيناها عند رعد القنابل ...ترتعد فرائسها و يقشعر جسدها على صيحات فرسان الحرب. أرى الحرب في وجهها، أقرأ الموت على صدرها و في عيون هذه الطفال المذعورة.
لم تغادر زينب الشرفة .....إدارت وجها الجميل ...إلــــيّ...إلى داخل الغرفة ...كانت عينها كالشرارتين. كنت مازلت جالسا إلى مكتبي بصدد إعادة التثبت في هندسة رصاصة قاسم ....كنت ألعب بها بين يدي، تبرق كما النحاس، غير أنها ليست به و ليست منه. هذه رصاصة الأبرياء، التي لا تقتل بل تحي الأنسان. رصاصة تبعث الأمل في الأنسان فتجعل منه منتصرا!!!!!في الحال، رصاصة تقتل الهزيمة في عروق العمّال و الفلاّحين....إقتربت من النافذة ..أخذتها من يديها ..و ساعدتها على الجلوس إلي مكتبي ...زينب تنتظر مولودا جديدا ...في شهرها الخامس!!! جلست و الخوف الدّا ئـــــم مازال في عينها، رغم الرّصاص و رغم صوت الدّباب و القنابل.
دعوني أصف لكم الحرب..في هذا النقل المباشر من شرفتي ...كانت عدستي معي و كانت الجبهة على بعد مائة متر من بيتي. عدّو خلق من لدن العدّو الأخر. كلاهما يعبش من دم الأخر. فلا سلطان بدونهم و لا هم بدون السّلطان، لذلك يحافضان على وجودهما بكل ما أوتي من قوة و سلاح. أقتربت العدسة من سعــــــــد : طفل صغير ما زال لم يتجاوز العشرين من عمره، تأبط سلاحه كما الأم إبنها، برزت عيناه فكان في قلب العدسة /
· قلت من أنت يا ولـــــــــــــــدي
· قال : أنا سعـــــــــــد إبن سعد
· و لكن يا ولدي، أنت في الجبهة الأن ..فمن تكون ؟
· أنا هنا لأحرر الوطن من هذه الكـــــــــــــــــلاب....و أضاف
· أنا ...سيدي ، فقدت الأمل فيكم، و عرفت الموت قبل الحياة، فمت منذ زمان و ما الجبهة إلا بتفويض من الرّحمان ...جئت إلى هنا و سلاحي معي لأموت به، نعم ...لم أشتري الموت في زوراق السّلطان ومن أين لي بثمنها؟
· قلت ما شأت...تكلّم ...فالموت في إنتضارك
· لا سيدي ...أنا في إنتضار الموت و لو لم أكن أبحث عنها منذ بلوغي لما أتيت إلى هنا...أنا سيدي من إغتصبت إختاه و سجن أباه و شرّدت أخوته جميعا! لم يعد لي شيئ أنشده لا عندكم و لا على هذه الأرض التي مال بها الكون، زرعت شعيرا فأحرق ضلما و بهتانا، دخلت الجامعة فأطردت منها، أنا سيدي شرّ على هذه الأرض. لا حاجة لي عندكم و لا حاجة لكم عندي...سبحانك اللّهم ....سبحانك اللّهم ...دعني أواصل عملـــــي ...دعني و سلاحي ....فأني في إنتضارها ...الموت أشرف بالرّصاص أشرف من الموت جوعا....الله أكبر الله أكبر
أنا للله و إنا إليه راجعون ...كانت الرّصاصة قد إستقرّت بصدره...و كان بين يدي طفلا في ربيعه العشرين..مددت يدي لأمسح على وجه ...مازال يختضر و البسمة لم تفارق شفتاه ....أطلق صيحة أهـــــــــــــــــــــــــــه....و همد ...كانت جافة هذه الموت!!!باردة بدون حرارة ...مات سعـــد و مات السّعد معه إلى لأبد. هل مات من أجل قضية؟ أم كل القضية كانت كما لعب الأطفال الصّغار؟
أدرت العدسة شرقا لأرى و من الجهة الأخرى: جندي من جنود السلطان، إستوى على بطنه أرضا، وخز سلاحه فكان الرّصاص كالسيل ...برزت عيناه حتى كادت تخرج من رأسه ...إنتفض كما رشاشه، كما الغربال في يدي شابة في الأربعين. كان في قلب العدسة ...و كان في قلب الجبهة ...عيني في عينيه قلت :
· من تكون ....أيها الجندي
· أنا هنــــــا يا قاسم لأحرّر الوطن من هذه الأحمرة .....و اضاف
· يا سيدي أنا العبد المؤمور....أطلق النار على من أمرت بقتله...و لا شيئ سوى التعليمات و الأوامر...هاؤلاء اللّذين تراهم في ضفة الجبهة الخرى يريدون ردم الوطن و تمزيقه ...ألم تفهم يا سيدي ...إني جندي السلطان إبن السلطان و لا ولاء عندي إلا لصاحبي نعمتي!!!!!!!
كانت باردة، جافة من كل الحنين، أصابته في جبينه بين عينه، مات الجندي في ساحة الوغى، باردة كانت موته، لا يعرق هل كان حقا ليحررّ الوطن من الأحمرة و لا كان ليؤدي واجبه العسكري نحو وطنه ...مات دون قضية ...مات الجندي كما لم يكن في يوم مــــــا...كان لعبة بالرّصاص.
حلّقت طائرة حربية، فوق الرّؤوس و لم ترمي و لو بقنبلة واحدة على البيت اللذي كان و سيكون للأبد جرحا في صدر الوطن الممزّق بين الكلاب و الأحمرة. واصلت طريقها طائرة بين السحب و لم تضع حدا لحياة الجرحى ....!!!!! و لامن نجدة و لا من كفن، أخترق الرّصاص الجثث و هي ميتة دون رحمة و دون شفقة. غير أن سيارات الأسعاف كانت في طبور طويل لتعالج حرس و جند السلطان، لم تطبق و لا قاعدة من قواعد الحرب، هذا الأسير الذي رفع قميصه الأبيض على راس سلاحه طالبا اللّجوء!!!!!و من سيكون الهلال الأحمر !!!! إلا من عسس السلطان ؟ كانت الكلاب جائعة لتأكل حمار بأكمله حيـــا يرزق على مرأى و مسمع من أهل القرية. يتمزّق الوطن كما الخرقة البالية ليزيد الرّصاص حرقا فيه و سلبا لأخر نفس للحرية فيه...الكل يدافع على الوطن و الكلّ يموت من أجله و لكن في الواقع ...قتل هذا الأخير قبل الحرب بسنوات و ما الموت البارد لا مرحلة كان لا بد لها أن تحدث إما عاجلا و إما أجــــــــلا.
فجأة، سكن الرّصاص و لم تعد لتسمع شيئ سوى هذا السّكوت اللذي كادت تجنّ القلوب الحائرة ...و خرجت القرية هاتفة بحياة السلطان و الحرس و الجيوش التي إنتصرت، إنتصار لم يسمع به التاريخ و لم تكتبه الكتب و لم تصّوره العدسات.
و جيئ بالسلطان على فرس عربية أصيلة ....و كانت من حوله الخيول و أحدثت جلبة كما إنه في إستعراض عسكري ...و نزل مسلّما على الأبطال اللّذين حرّرو الوطن من أطفال صغار إشتهت أن تلعب بالرّصاص. و لولا تتدخل أصحاب العقل لما أمر السلطان جنوده بتحرير القدس المحتلّة...و هــــــّم بذلك و لكن خانه الفرس العربي اللّذي لم يتقدم خطوة واحدة في إتجاه القدس. إنتصار عضيم و فرحة عضيمة و جيئ الوليمة و جيئت بالرّؤوس و كانت منها خمسة عشر طفلا، جثثا هامدة و إثنتي عشر كبشا ليلة العيد....إبتسم إنه الوطن قد ضحـــــــي عليه ( بظم الضاد).
في الحلقة القادمة سأكتب ثورتي، و سلاحي ، رفاقي و أصدقائي و كيف ستكون نهاية السلطان !!! سنعلّم القوم، كيف تكون الثورة!!! فنونها، أدبها و صخبها، ليليها الطويلة و لحضات حبهــــا....فسجّل يا كاتب السلطان كما أكتب، فالثورة لن تكون إلا كما كانت هجرة الحكيم ، حقيقة لا ينقصها الخيال في شي إلا قلوب الأحبة. سأثور يعني سأثور، و رغم أنف جيوش كل السّلاطين.
سأكتبها من هنا، من هذا البيت و كما أراها، زد على ذلك ساأدونها على أجنحة العصافير...لن يستتب لكم أمرا و قلمي مازال يقطر حبرا ...لا بل دما. و قبل أن أرسم الفرسان لا بد من شن هجوم على أشباه الرّجال و أشباه الأقلام و أشباه الأشباح! لا ثورة مع من في الظهر قد تعوّد الضّرب...لا ثورة مع من خان !!! أنا لا أغـــــزو من أجل مال ! و لا من أجل نساء...أنا أكتب ثورة للأنسان و للأنسان فقط. طال أو قصر الزّمن ، ستخرج أساطيل العصافير الثائرة لتئتي على الظلّم فينا، على الحقد فينا، على الدّسيسة فينــــــــــــــــــا!!!!!و أنتصر
قاسم اللذي قسم إلا ينتصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق